محمد النجار-عمان
لم تقنع الاحتفالات الرسمية الأردنية باليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي وافق يوم أمس الجمعة ناشطين خرجوا بمسيرات واعتصامات شهدتها العاصمة عمان وعدد من المدن، طالبت بمحاكمة الفاسدين والتحقيق في عدد من الملفات التي تدور حولها شبهات بما فيها قضية "أراضي الملك".
وبدا الاحتفال والتذكير باليوم العالمي لهذه السنة لافتا في الإعلام الرسمي الأردني الذي احتفى بحلول الأردن في المركز الخامس عربيا على سلم الشفافية الدولية، دون التطرق للتراجع الكبير الذي سجله السلم الدولي ذاته لجهود الأردن في مكافحة الفساد.
تراجع مستمر
فقد واصل الأردن تراجعه على سجل الشفافية الدولية للعام الخامس على التوالي، فحل بالمركز الـ56 عالميا بـ4.5 نقاط من 10، وهي أسوأ نتيجة للمملكة الأردنية منذ عام 2006 عندما حل الأردن بالمركز الـ37 عالميا وبمعدل 5.9 نقاط، وبدأت رحلته مع التراجع منذ ذلك الوقت.
وجاء هذا التراجع للأردن على سجل الشفافية متزامنا مع الربيع العربي والاحتجاجات بالأردن التي كان أحد محركاتها الأساسية الاتهامات بالفساد التي طالت مستويات عليا بالدولة لم يسلم منها القصر الملكي.
ورفعت المسيرات شعارات ترفض ما تسميه المماطلة وتطالب بمحاكمة الفاسدين والتحقيق في عدد من الملفات التي تدور حولها شبهات فساد.
وحاولت الحكومة وأجهزتها امتصاص النقمة الشعبية من خلال تحويل أكثر من ملف لدائرة مكافحة الفساد، تم على إثرها توقيف مسؤولين في الدولة، بينما ظلت الاتهامات للأجهزة الرسمية بالتواطؤ مع جهات وشخصيات يتهمها الشارع ووسائل الإعلام بالفساد.
ويرى رئيس جمعية الشفافية الأردنية الكاتب الصحفي باسم سكجها أن الأردن يتراجع منذ عام 2006 وفقا للمؤشرات الدولية التي ترصد الشفافية ومكافحة الفساد.
وقال -للجزيرة نت- إن الأردن تقدم على السلم الدولي للشفافية قبل خمسة أعوام في غمرة إقراره لتشريعات وإنشاء مؤسسات متخصصة بمكافحة الفساد.
وأضاف أنه "منذ عام 2006 يتراجع لأن تطبيق هذه التشريعات وتفعيل هذه المؤسسات لم يكن بالفاعلية التي ترضي الداخل أو الخارج".
وتوقع سكجها أن يستمر تراجع الأردن في سلم الفساد ومؤشراته عالميا "بالرغم من الاحتفالات الرسمية السنوية باليوم العالمي لمكافحة الفساد".
وانتقد بشدة تركيز الإعلام الرسمي على حلول الأردن بالمركز الخامس عربيا وعدم المقارنة بمؤشرات الأردن على سلم المؤسسات الدولية.
مقارنات مرفوضة
وقال "كيف يقارننا الإعلام الرسمي مع دول شهدت ثورات أسقطت أنظمتها بسبب الفساد المستشري فيها، وهذه محاولات خائبة لأن الفساد هو السبب في تقويض أي نظام".
وعن التشريعات الأردنية اعتبر سكجها أنها شهدت بعض التحسن الإيجابي كالنص على حماية المبلغين عن الفساد من الموظفين العموميين.
لكنه استدرك أن هذا التعديل "ضعيف لأنه ترافق مع تعديل منع وسائل الإعلام من النشر في قضايا الفساد، وهو ما يمثل حماية للفاسدين".
وتزامنت ذكرى اليوم العالمي لمكافحة الفساد أيضا مع عودة الجدل لقضية تسجيل أراض حكومية باسم الملك عبد الله الثاني، وهي التي كان المعارض البارز ليث شبيلات أثارها أكثر من مرة في السنوات الماضية، وطالب الملك بإعادتها لخزينة الدولة هذا العام كمقدمة لأي حديث عن الإصلاح.
وكشفت تصريحات لمستشار الملك لشؤون الإعلام قبل أيام أنه جرى تسجيل أكثر من أربعة آلاف دونم باسم الملك حتى عام 2005، وأن الغاية من ذلك هو تسريع إنشاء مشاريع تنموية عليها.
ونفى المسؤول الرفيع في الديوان الملكي بيع أي متر من الأراضي التي سجلت باسم الملك أو أن تكون هناك أي نية لبيعها مستقبلا، وقدم كشفا تفصيليا لأراض حولت لمشاريع تنموية مؤكدا أن باقي الأراضي ستحول بالطريقة نفسها مستقبلا.
وبدت هذه التصريحات "صادمة" لمعارضين عن حجم الأراضي التي نقلت باسم الملك، فيما حازت على ترحيب جهات عدة اعتبرتها مثالا للشفافية التي يتحلى بها الملك.
وبدا المعارض شبيلات غير مقتنع بـ"الشفافية" التي وصف بها الكشف عن قضية أراضي الملك.
وقال -للجزيرة نت- "أنا ما زلت عند موقفي أن كل فساد غير معترف به رسميا يحظى بالرعاية الملكية، فقضايا موارد وبيع مقرات القيادة العامة القديمة والجديدة وغيرها لم تكن لتتم لولا التدخل المباشر من الملك".
اعتراف مشين
وتابع "لو سلمنا جدلا بصدقهم وأنا لا أسلم بذلك فهذا اعتراف مشين بالدوس على الدستور والاستيلاء على الولاية العامة للحكومة".
وزاد شبيلات "مجرد إعلان هذه التصريحات من الديوان الملكي اعتداء على الولاية العامة للحكومة، لأن من صرح بذلك لا يملك أي صفة رسمية، وشؤون الديوان الملكي ذاتها جزء من الولاية العامة للحكومة بما فيها أوامر الملك الخطية والشفهية".
وتعهد شبيلات بالكشف عن حقائق جديدة فيما يتعلق بهذه الأراضي وغيرها في الأيام القليلة المقبلة.