حسن الكيادي من الرياض
أثبتت دراسة محكمة من مدينة الملك فهد الطبية، أجراها مجموعة من الصيادلة السعوديين، أن أكثر من 77 في المائة من صيدليات القطاع الخاص في مدينة الرياض تبيع المضادات الحيوية بشكل عشوائي لزبائنها دون اكتراث للقوانين السعودية الملزمة بعدم صرف المضادات الحيوية دون وصفة طبية والذي تم تطبيقه منذ نحو 30 عاما، إضافة إلى عدم مراعاتهم للأضرار الصحية الخطيرة المترتبة على صرف هذه النوعية من الأدوية دون استشارة أو وصفة طبية، مشيرين إلى أن معظم الصيدليات لا تعطي نبذة عن الآثار الجانبية المحتملة للمضادات التي يتم صرفها.
ونفذ الباحثون دراستهم على عيّنة ممثلة لجميع الصيدليات الخاصة في الرياض عبر ستة سيناريوهات نفذها ستة أطباء وطالبان من طلاب الدراسات الطبية يخفون شخصياتهم الحقيقية ويدعون بأن لديهم إخوة أو أخوات يعانون أعراضا مرضية لستة أمراض مختلفة وهي (التهاب حنجرة، التهاب حاد بالشعب الهوائية، التهاب الأذن الوسطى، التهاب الجيوب الأنفية، إسهال، وعدوى الجهاز البولي عند النساء في عمر الإنجاب)، حيث يقوم أحد الباحثين بالحديث مع الصيدلاني، بينما يسمع ويحفظ الآخر النقاش، وبعد الخروج مباشرة من الصيدلية يكملون الاستبانة الخاصة بالبحث.
وأكد الباحثون أن من مجموع 327 صيدلية خاصة أجريت عليها الدراسة في العاصمة الرياض تم صرف المضادات الحيوية في 244 صيدلية بنسبة 77.6 في المائة، كما أن 95 من هذه النسبة يصرفون المضادات الحيوية دون طلب من المريض. لافتين إلى أن التهاب الحنجرة والإسهال كانا أكثر الحالات التي تم صرف المضادات الحيوية لها بنسبة 90 في المائة، متبوعة بالتهاب الجهاز البولي للنساء بنسبة 75 في المائة، التهاب الشعب الهوائية 73 في المائة، التهاب الأذن الوسطى 51 في المائة، وأخيرا التهاب الجيوب الأنفية بـ40 في المائة. وأضاف الباحثون، أنه لم يكن أي من هذه الصيدليات يسأل عن التاريخ المرضي للمراجع أو الحساسية تجاه المضادات الحيوية التي يتم صرفها أو حتى عن التداخلات الدوائية مع الأدوية التي قد يكون المريض يتناولها، لافتين إلى أنه فقط 23 في المائة من هذه الصيدليات سألت عن وجود حمل عند صرف المضادات للحالات المفترضة لالتهاب الجهاز البولي عند النساء، رغم أنها ممنوعة في حالة الحمل ومصنفة بأنها من فئة (ج) من ممنوعات الحمل من منظمة الغذاء والدواء (إف دي أي FDA).
وأشار الباحثون إلى أن الطمع في الكسب المادي، عدم تطبيق القوانين والتعليمات الصادرة في هذا الشأن بصرامة، إضافة إلى عدم التزام الصيادلة العاملين في القطاع الخاص بأخلاقيات مهنة الصيدلة تعد من أهم الأسباب المؤدية إلى صرف هذه النوعية من الأدوية لمراجعي صيدليات القطاع الخاص.
ولفت الباحثون إلى أن بيع المضادات الحيوية دون وصفات طبية أصبح معروفا بشكل متزايد كمصدر لسوء استخدام المضادات مما قد يفاقم العبء العالمي لمقاومة المضادات الحيوية، مشيرين إلى أن كثرة استخدام المضادات يؤدي إلى تعرف العديد من الفيروسات والميكروبات عليها ومقاومتها، وبالتالي انعدام فائدتها، كما أن استخدام المضادات بكثرة ودون وصفة طبية لا يؤدي إلى زيادة مقاومة الميكروبات لها فحسب؛ بل يتعداه إلى الآثار الجانبية الخطيرة والمضرة لصحة المريض؛ وكذلك ارتفاع التكلفة العلاجية وحدوث المضاعفات المرضية، مضيفين أن هناك العديد من الدراسات السابقة سجلت زيادة ملحوظة في مقاومة العديد من سلالات البكتيريا لمضادات البنسلين والأموكسيلين.
قراءة الخبر كاملا.