غزة - دنيا الوطن
فاقت قدراتها العقلية عمرها الزمني والأكاديمي، فلم تنتظر ملكاتها الإبداعية تدرُجها الأكاديمي حتى تصل إلى صفة باحثة علمية، فاختصرت الطالبة الفلسطينية أماني أبو القمصان المستويات العلمية في أقل من 3 سنوات في الجامعة.
ومن داخل قطاع غزة تتوج أماني مروان عبد الرحمن أبو القمصان الطالبة في المستوى الثالث بكلية الصيدلة في جامعة الأزهر ضمن أفضل 15 بحثاً كيميائياً على مستوى العالم، في أقصر مشوار علمي وقبل سن التخرج.
وتتحدث أماني (20 عامًا) لوكالة "صفا" عن مشوارها العلمي الذي بدأته بمشاركتها في مسابقة "أولومبيا الفيزياء" الدولية.
اجتياز مبكر
تقول "شاركت بالمسابقة في مؤسسة (سينس كومبيونيكيشن) الدولية التي تضم مجموعة من البروفيسورات من أكثر من جامعة على مستوى العالم على أساس أكون عضو في هذه المؤسسة عبر اختبار الأيكيو".
وتضيف "حصلت على درجة عالية في المسابقة، وبناء عليها أصبحت عضواً في المؤسسة، وبعدها أصبحت مشاركة بأبحاث علمية ثرية معهم، ثم تم إرسال دعوة لي للمشاركة في مسابقة أفضل بحث للطلاب تحت سن التخرج المختصة بهم هذه المؤسسة التي تشجع على البحث العلمي".
وكانت مشاركة أماني في المسابقة الكبرى بفكرة تصنيع مسكن للألم بدون أثار جانبية، موضحة "أن هناك أناسًا يولدون بمرض دون شعورهم بالألم وذلك نتيجة وجود طفرة في جين معين في مخرج الخلايا العصبية بالجسم".
وتبين أنه تم تقييم الأبحاث المشاركة والتي بلغ عددها 300 بحث بناء على فكرة كل بحث فقط، واختيرت هي ضمنهم ثم تم تصفية الأعضاء المشاركين إلى 55 عضواً بناءً على قابلية استكمال فكرة بحثه، وكانت أماني من بينهم.
وتلفت إلى أن أخر مرحلة في تصفية الأبحاث وصلت إلى اختيار أفضل 15 بحثاً على مستوى العالم، والتي تشارك هي في هذه التصفيات ضمن بحثها الذي شهد القائمين على المؤسسة من البروفيسورات أنه جديد ولم يتطرق إليه أحد.
وظيفة المسكن
وتشرح أماني بثقة عالية طبيعة المسكن الذي توصلت إليه، قائلة "هو سيعمل على إغلاق فتحات في قنوات الصوديوم بالخلايا العصبية وبالتالي تسكين الألم دون وصول المسكن إلى أي مكان أخر بالجسم أو أحداث أي أعراض جانبية".
وتضيف "لدي يقين بأن يكون الدواء ناجحاً في تجربته على جسم الإنسان، وقد قمت باختباره علمياً عن طريق الكمبيوتر وتأكدت فعلا بأن هناك ارتباط بين الدواء وقنوات الصوديوم، وسيعمل على إغلاقها وبالتالي تسكين الألم، وهذا ما جعل القائمين على المؤسسة ومن خلال تواصلي معهم يعتمدوه علمياً كمسكن مثالي للألم".
وتتواصل أبو القمصان مع أعضاء اللجنة وبالتحديد رئيس اللجنة وهو بروفيسور في علم الأمراض في جامعة تاكسس الأمريكية، وذلك عبر الإنترنت أو الاتصال الهاتفي.
سر نجاحها
أجواء التنافس بين الإخوة والبيئة الأسرية العلمية التي نشأت فيها أماني كانت سبب تفوقها العلمي، بالدرجة الأولى. وتصف جوها الأسري قائلة "تفوق إخوتي الأربعة الذين أكملوا دراساتهم العلمية في الهندسة والرياضيات وشاركوا في مسابقات ومؤتمرات دولية، وحصلوا على عدة جوائز ومراكز عالية، وهذا جعل بيتنا مشجون بالمنافسة على التفوق، وهذا ما كان يشجعني على البحث والتفكير".
وترجع الفضل لواديها الذيْن يعملان معلمين أحدهما رياضيات والآخر لغة عربية، إضافة إلى منافستها لشقيقتها التي تكمل دراستها للماجستير في تخصص الصيدلة بكندا.
كما وتثني على دور الطاقم التدريسي لها في الكلية، خاصة مشرف البحث محمد شبير، ونائب عميد كلية الصيدلة عدنان الوحيدي، لمساندتهم ودعمهم إياها في مراحل تفوقها.
الوصول للقمة
وتتحدث أبو القمصان عن معيقات مشوارها العلمي التي كادت أن تفقدها عضويتها من اللجنة بعد هذا المشوار من التفوق، قائلة "الحصار تسبب لي بمعيقات كثيرة خاصة خلال مرحلة التواصل مع الفريق، كوني ومنذ التحاقي كعضو أصبحت مشاركة في مؤتمرات علمية دولية تعد ثرية".
وتضيف "لكن عدم قدرتي على الخروج للمشاركة في المؤتمرات وعدم قدرة الفريق على المجيء إلى قطاع غزة قبل ذلك كاد أن يفقدني عضويتي، وبالرغم من ذلك كنت أرسل مادتي العلمية في كل مؤتمر ويتم إلقاؤها هناك".
ومع اعتماد المؤسسة للمسكن الذي طورته أبو القمصان، جاء فريق لجنة التحكيم في المؤسسة إلى قطاع غزة مؤخراً، وهو متواجد فيها حالياً للاستماع مباشرة لعرض أماني بحثها كاملاً بكافة مراحله والخطوات التي قامت بها في هذا الإطار".
ويضم الوفد رئيس المؤسسة والعديد من الأطباء والبروفيسورات، والذين سيقومون بعد ذلك بتجربة الدواء عملياً تمهيداً لتقييمه على مستوى الـ15 بحثاً المختارة.
وتمتلك أماني ثقتها بنجاحها في التقييم، ولا تتوقف أمالها عند حد هذا التقييم، وتقول "بعد أن يتم تقييم المسكن واعتماده من اللجنة العلمية يبقى له مرحلة التصنيع وهو أمر مرهون بنتائج اللجنة، حيث إن ثبت نجاحه سيدعمونني مالياً لتصنيعه، ومن ثم سيتم تسويق المركب بإذن الله".
*وكالة صفا