غزة - دنيا الوطن
يثير مسلسل تلفزيوني واقعي يدور حول أسرة أميركية مسلمة الجدل حاليا بالولايات المتحدة الأميركية، وسط حملة هجوم ضده تسببت في انسحاب عدد من الشركات المعلنة عن دعم البرنامج. هذا هو مسلسل «أوول أميركان مسلم» (مسلم مثل كل الأميركيين) الذي بدأ في الشهر الماضي في قناة «تي إل سي» الثقافية. وهو عن عائلات مسلمة في ضاحية ديربورن، من ضواحي ديترويت (ولاية ميتشيغان) حيث تقيم أكبر جالية مسلمة في الولايات المتحدة.
هدف المسلسل، كما يبدو من عنوانه، هو إبراز حقيقة أن المسلمين الأميركيين مثل بقية الأميركيين: يحبون الحرية، ويقدسون العمل، ويستمتعون بالمتعة. وإن قلت فرديتهم، بالمقارنة مع الفردية والخصوصية الأميركية المشهورة، فإن سبب ذلك هو أن دينهم يدعوهم إلى التقارب والتآلف. وعلى أي حال، يقدرون على الجمع بين مطالب الفرد ومطالب المجتمع.
لكن، بعد بداية المسلسل، بدأت حملة إعلامية، وفي الإنترنت ضد المسلسل، بقيادة منظمة «رابطة الأسرة الأميركية» من رئاستها في ولاية فلوريدا. وركزت الحملة على استهداف الشركات التي تعلن في المسلسل. (حسب التقاليد التلفزيونية الأميركية، تتطلب إذاعة مسلسل أو برنامج دعم إعلانات تجارية. ولهذا، أحيانا، يقدر المعلنون على تحديد مصير المسلسل أو البرنامج). وبدأت الحملة ضد هذا المسلسل بالضغط على شركة «لوز» العملاقة لمواد البناء، التي لها فروع في كل الولايات الأميركية، تقريبا، بأن تسحب إعلاناتها من المسلسل (بهدف أن تضطر القناة التلفزيونية لوقف المسلسل بحجة عدم وجود دعم إعلاني).
ومن المفارقات أن هؤلاء المسيحيين واليهود المتطرفين انتقدوا المسلسل لأنه يقدم صورة إيجابية عن المسلمين في أميركا. فقال واحد منهم: «هذا شرك خبيث. هذا يعنى أن المسلم مثل المسيحي أو اليهودي، يقدر على التوفيق بين الدين والوطن، بين الحياة العامة والحياة الخاصة. كيف يمكن ذلك والمسلمون أنفسهم يقولون إن دينهم دين ودولة، خاص وعام؟».
وقال ثان: «لماذا في المسلسل مسلمون يلبسون بنطلونات جينز وقمصان (تي شيرت)؟ ماذا عن الجلابية والسروال والقميص (الباكستاني) التي تلبسها أغلبية المسلمين؟ إذا كانوا مسلمين حقيقة، لماذا لا يلبسون ملابس المسلمين؟».
وقال رابع: «حتى أقوى علماء المسلمين لا يقدرون على مثل هذه (الدعوة) في أميركا».
من بين قادة الحملة باميلا غيلر، رئيسة منظمة سياسية يهودية في نيويورك، وكانت اشتركت في قيادة المعارضة ضد مشروع المجمع الإسلامي والمسجد بالقرب من «غراوند زيرو» (مكان مركز التجارة العالمي الذي دمره هجوم 11 سبتمبر «أيلول»). وهي التي كتبت إلى رئيس شركة «لوز»، وحثت غيرها على الكتابة إليه. وفي الحقيقة، اعترف رئيس الشركة بأنه تلقى عشرات الآلاف من رسائل الاحتجاج ضد دعم إعلانات الشركة للمسلسل. في بيان الشركة بسحب الإعلانات التي تدعم المسلسل، جاء أن المسلسل «أصبح مصدر إثارة ومشكلات للأفراد والجماعات الذين لهم آراء سياسية واجتماعية قوية. وأصبح يؤثر، بقوة، على هذا الموضوع». وأضاف البيان: «نعتقد أنه من الأفضل أن نتخلى نحن عن الاشتراك في هذه المشكلة، ونترك للمجتمعات والأفراد والمجموعات مناقشة ودراسة مثل هذه القضايا المهمة».
في الجانب الآخر، سارعت منظمات إسلامية وشخصيات إسلامية قيادية أميركية إلى مواجهة ما سموها «حملة سلبية ضد شيء إيجابي نادر عن المسلمين الأميركيين». وقال كيث اليسون، أول عضو كونغرس مسلم (ديمقراطي من ولاية منيسوتا): «الشركات الأميركية بحاجة إلى اتخاذ موقف ضد هذه الجماعات الهامشية المعادية للمسلمين. وبحاجة إلى الوقوف إلى جانب ما هو صحيح، لأن هذا هو معنى أن تكون الشركة أو الشخص أميركيا».
ودعا راسل سيمونز (مغني راب أسود) إلى مقاطعة شركة «لوز»، كما دعا تيو ليو (أميركي من أصل صيني وعضو كونغرس ولاية كليفورنيا) إلى إصدار قانون لمنع الشركة، ورئاستها في الولاية، من سحب إعلاناتها من المسلسل.
لكن ظلت رئاسة منظمة الأسرة الأميركية في فلوريدا تواصل حملتها. ومؤخرا قالت إنها أقنعت أكثر من ستين شركة بعدم نشر إعلانات في المسلسل.
غير أن الحملة ضد المسلسل ليست الوحيدة التي تقودها هذه المنظمة، فقد كانت قادت حملة ضد شركة «كامبل» للشوربة المعلبة عندما أعلنت أنها تريد بيع «شوربة حلال» (أي التأكد من أن اللحوم داخل الشوربة ذبحت حسب الطريقة الإسلامية). وأيضا، قادت حملة ضد شركة «هول فود» لبيع المأكولات والخضروات واللحوم لأنها، أيضا، قالت إنها تريد بيع «لحم حلال». وأيضا، قادت حملة ضد تلفزيون «الجزيرة»، الذي كان يريد توزيع قناته العربية في الولايات المتحدة، مباشرة بعد غزو العراق سنة 2003. وحتى عندما بدأ تلفزيون «الجزيرة»، قبل أربع سنوات، قناة إنجليزية، استمرت المعارضة. وفي الوقت الحاضر، لا تشاهد «الجزيرة» مباشرة إلا في ولايات قليلة جدا.
في نفس الوقت، أدى الجدل حول المسلسل إلى الكثير من الاهتمام به. ومع زيادة الجدل، زاد الإقبال. وشاهد آخر حلقة أكثر من مليون مشاهد، وهذا عدد كبير بالمقارنة مع قوة القناة الثقافية وسط القنوات الإخبارية العملاقة.
وقال بيان أصدرته شركة «تي إل سي» التي تصدر المسلسل: «إننا نقف وراء هذا المسلسل. ونحن سعداء لأنه وجد دعما إعلانيا كبيرا»، لكن، رفضت لوري غولدبرغ، المتحدثة باسم الشركة، التعليق على حملة مجموعة فلوريدا، وغيرها.
وكتب هانك ستويفر، معلق التلفزيون في صحيفة «واشنطن بوست»: «هذه حلقات قوية وجادة وحذرة. إنها تريد تقديم صورة إيجابية، ولا تريد أن تكون الحلقات مثل (ربات بيوت حقيقيات في ديربورن)». وأخيرا أعلنت شركة سياحة «كاياك» أنها ستتوقف عن بث إعلاناتها خلال إذاعة البرنامج، ولكن الشركة قالت في بيان إن الشركة المنتجة «لم تكن أمينة معنا حول طبيعة البرنامج.. إن هذا يبتعد عن ممارسات المهنة».
شارك هذه الصفحة :
|
0 التعليقات:
إرسال تعليق