غزة - دنيا الوطن
على طاولة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، توجد حلول كثيرة مقترحة، للمأزق الذي تمر به السلطة الفلسطينية سياسيا وماليا، بعدما سدت الولايات المتحدة ومعها إسرائيل كل المنافذ التي يسلكها لإقامة دولة فلسطينية. ويدرس أبو مازن مع مستشاريه حلولا مختلفة، وسط بحر من الأفكار، غير أن المسألة الوحيدة غير المطروحة على طاولة البحث، ولا ينوي أبو مازن الإقدام عليها، هي الدخول في مواجهة على الأرض مع إسرائيل أي «انتفاضة» جديدة.
وفي ضوء تدهور العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية إلى أسوأ حالاتها في حقبة أبو مازن، وبعد قرار إسرائيل تسريع الاستيطان، ووقف تحويل إسرائيل لأموال الضرائب التي تغطي أيضا رواتب الموظفين والجنود والأجهزة الأمنية، واستباقا لتطورات محتملة، طلب أبو مازن قادة الأجهزة الأمنية المختلفة لاجتماع في مكتبه في رام الله، وأصدر تعليماته بأخذ الحيطة والحذر ومنع تدهور الموقف على الأرض بتفادي الاستفزازات الإسرائيلية. ويعتقد أبو مازن أن إسرائيل تسعى إلى مواجهة على الأرض وجر الفلسطينيين إليها، وطلب من قادة الأجهزة الأمنية، التأهب واليقظة منعا لأي تصعيد.
وقال نمر حماد مستشار أبو مازن السياسي «إن الرئيس طالبهم بعدم الانجرار وراء الاستفزازات الإسرائيلية واللعبة التي تريد أن تلعبها إسرائيل لاستدراج ردود فعل غير محسوبة العواقب».
وأبلغ أبو مازن قادة الأجهزة أن السلطة مصممة على عضوية الدولة، في الأمم المتحدة مثلما فعلت في منظمة التربية والعلوم والثقافة الدولية (اليونيسكو)، وأن ذلك سيقود إلى مرحلة صعبة وحساسة. وأكد ذلك أمس، في كلمة ألقاها عبر الهاتف في احتفال للأسرى المحررين في غزة. وقال «إن القيادة الفلسطينية مصممة للوصول إلى عضوية فلسطين في الأمم المتحدة مثلما تم الحصول مؤخرا على عضوية فلسطين في منظمة اليونيسكو بأغلبية ساحقة، وهو ما يدلل على وقوف العالم إلى جانب القضية الفلسطينية إلى أن يتحقق الاستقلال وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية». وتعهد أبو مازن بالوصول إلى وحدة وطنية وقال إنه سيزور غزة قريبا ليلتقي شعبها.
وقد تكون المصالحة مع حركة حماس ولم الشمل الفلسطيني مؤشرا أوليا على قرار بتغيير العقلية الفلسطينية، وتعاطيها مع القضايا المختلفة، ورسالة واضحة للغرب، إذ بدأ فعلا سياسيون ومسؤولون ومحللون، يدعون إلى تغيير قواعد اللعبة مع إسرائيل. ويتحدث المسؤولون الفلسطينيون في مجالسهم المغلقة، عن حلول مختلفة، من بينها حل السلطة، وإعلان الدولة، وتبني دولة واحدة ثنائية القومية، وإلغاء الاتفاقات مع إسرائيل بما فيها الأمنية والاقتصادية، وإلغاء اتفاق أوسلو برمته، ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، والبعض يتحدث عن حل الأجهزة الأمنية وتحويل المسؤولية لإسرائيل بهذا الشأن مع بقاء سلطة مدنية، والبعض يدعو إلى مقاومة، وكلها مجرد أفكار إلى جانب أخرى لم يتخذ فيها قرار بعد.
وكان الرئيس عباس وخلال كلمته أمام المجلس الثوري قبل أسبوعين، قد طلب منهم بحث مستقبل السلطة قائلا «السلطة ليست سلطة، ويسألني الناس عن جدوى استمرارها والسؤال المطروح إلى أين نحن ذاهبون».
وشكلت حركة فتح بعد ذلك، لجنة لوضع آليات المرحلة المقبلة ومستقبل السلطة الفلسطينية مع استمرار العدوان الإسرائيلي. وتشكلت اللجنة من أعضاء من المجلس الثوري واللجنة المركزية ومختصين. وجاء في البيان الصادر عن المجلس الثوري لحركة فتح، أنه «وبعد استعراض واقع الحكومة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، توصي الحركة بضرورة إجراء مراجعة شاملة للمهام والأدوار وتفعيل المؤسسات بما يعزز استراتيجية المرحلة المقبلة».
المفاوض الإسرائيلي في صفقة شاليط يدير محادثات للمصالحة مع تركيا مع انطلاق أسطول حرية جديد يشارك فيه عربي تل أبيب: «الشرق الأوسط» مع الإعلان عن إطلاق سفينتين جديدتين ضمن أسطول الحرية، لكسر الحصار على قطاع غزة، كشف النقاب في تل أبيب، أمس، عن محادثات سرية إسرائيلية - تركية تهدف إلى تحقيق مصالحة بين الطرفين، يديرها من الطرف الإسرائيلي المبعوث الشخصي لرئيس الوزراء، ديفيد ميدان، أحد القادة السابقين في «الموساد» (جهاز المخابرات الإسرائيلي الخارجي)، والذي اشتهر مؤخرا بإدارته الناجحة للمفاوضات مع «حماس» حول صفقة الجندي الأسير جلعاد شاليط.
وأكدت مصادر أمنية في إسرائيل أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، اختار ميدان لإدارة المفاوضات بسبب نجاحه في صفقة شاليط، التي كان لتركيا أيضا دور غير بسيط فيها، إلى جانب الدور المصري. وأضافت أن ميدان أجرى جولة محادثات أولية في أنقرة، وسيسافر مرة أخرى في الأيام القريبة لجولة ثانية. وقالت إن الانطباع لدى الحكومة الإسرائيلية هو أن تركيا معنية فعلا بإنهاء الأزمة بين البلدين، والدليل على ذلك أنها فوضت شخصية كبيرة لإدارة المفاوضات مع ميدان، هو رئيس المخابرات، هاكان فيدان.
يذكر أن الأزمة بين تركيا وإسرائيل نشبت منذ الحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزة - أواخر 2008 إلى اوائل 2009. وقد تفاقم التأزم في العلاقات من سنة إلى سنة في أحداث أخرى، أبرزها إهانة السفير التركي في تل أبيب بشكل شخصي (عندما دعاه نائب وزير الخارجية، داني أيالون، إلى مكتبه وأجلسه على كرسي منخفض ولم يقدم له متطلبات الضيافة ولم يضع العلم التركي بينهما، كما هو متبع في أخلاقيات العلاقات الدبلوماسية)، وفي الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية وقتل 9 مواطنين أتراك وإصابة عشرات بجراح.
وعملت الولايات المتحدة على تحسين العلاقات بين الطرفين، مؤكدة لهما أنها تعتبرهما حليفين مقربين، وأن الخلافات بينهما تهدد المصالح الأميركية. فطلبت تركيا فقط اعتذارا صريحا عن قتل مواطنيها ودفع تعويضات لعائلاتهم وللمصابين. لكن إسرائيل رفضت الاعتذار، بسبب خلافات داخلية، حيث إن اليمين المتطرف في الحكومة ممثلا بنائبي رئيس الحكومة، وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان ووزير الشؤون الاستراتيجية موشيه يعلون، طلب أن يأتي الاعتذار من تركيا لأنها نظمت وأرسلت أسطول الحرية تحديا لإسرائيل. وقد فشل الطرفان في التوصل إلى تسوية.
والجديد أن الطرفين، وبغطاء أميركي، قررا إجراء مفاوضات سرية. وحسب أوساط مطلعة، فإن إسرائيل سترضخ للطلب التركي وتعتذر بشكل علني عن قتل تسعة مواطنين أتراك. ولكن من غير المعروف إذا كان هذا الاعتذار سيعيد العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها عندما كانا حليفين مقربين طيلة سنين عديدة أم لا، خصوصا أن إسرائيل تقيم علاقات بديلة مع اليونان ورومانيا وقبرص.
وجاء هذا النشر، في اليوم نفسه الذي أعلن فيه عن إطلاق سفينتين جديدتين ضمن أسطول الحرية. وقد أعلنت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، أفيتال ليفوفتش، أن إسرائيل لن تسمح للسفينتين الكندية والآيرلندية بالوصول إلى قطاع غزة. وأضافت أن القوات البحرية الإسرائيلية أنهت التحضيرات اللازمة من أجل منع الأسطول من الوصول لغزة وذلك لأن إبحارهما إلى غزة غير قانوني. واستندت في ذلك إلى قرار لجنة الأمم المتحدة برئاسة بالمر، الذي استخلصت فيه أن الحصار على غزة بحريا قانوني. وفي الموضوع ذاته، قال مسؤول حكومي إن إسرائيل لن تسمح بخرق الحصار «الحصار مستمر ولن يسمح بأي استثناءات».
وكشف أن أحد نشطاء السلام على متن هذا الموكب هو من سكان إسرائيل العرب (فلسطينيي 48)، واسمه مجد كيال، من مدينة حيفا. وقد صرح في محادثة هاتفية للصحافة الإسرائيلية بأنه يشعر بأن واجبه يحتم عليه مثل هذه المشاركة رغم ما ينتظره من مضايقات إسرائيلية. وقال «المعنويات في السماء، والطاقة غير محدودة لما يحمله هذا النشاط من صدق وعطاء. آمل أن نتمكن من كسر الحصار والدخول إلى غزة، أو على الأقل مواجهة الاحتلال قارعين جدران الخزان (إشارة إلى صرخة الكاتب الفلسطيني، غسان كنفاني: اقرعوا باب الخزان). آمل أن ننتهز الفرصة في الداخل للاستمرار والاستثمار في الحراك الشبابي الوحدوي ورفع سقف النضال ورفع الوعي لشأن الحصار».
شارك هذه الصفحة :
|
0 التعليقات:
إرسال تعليق